
من يتأمل المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط، يلاحظ بوضوح المحاولات المتكررة لإيران في التغلغل داخل دول المنطقة، غالبًا تحت شعارات دينية أو إنسانية، لكن ما خلفته في بعض الدول لم يكن إلا الطائفية والدمار والانقسام. لقد استطاعت التمدد في العراق ولبنان وسوريا واليمن، بفضل وجود جهات موالية وفرت لها بيئة خصبة للتدخل، أما بقية الدول، فقد أفشلت محاولاتها وطُردت منها دون أن تحقق أهدافها.
ويثير الاستغراب أن إيران، رغم ادعائها الدائم بدعم الشعوب والمقاومة، لم تُسجَّل لها مبادرة إنسانية واحدة خلال كوارث كبرى مثل زلزال سوريا، أو فيضانات ليبيا، أو حتى مآسي المغرب العربي. لم نرَ قارورة ماء ولا قافلة إغاثة واحدة، رغم حجم المعاناة. أما في قضية غزة، التي تدّعي طهران دعمها، فكان ذلك مجرد شعارات إعلامية بلا أثر فعلي على الأرض.
هنا يبرز السؤال: لماذا تسعى إيران الآن للتقرب من مصر؟
مصر، الدولة المحورية ذات الثقل العربي والتاريخ العريق، كانت دومًا سدًّا منيعًا أمام محاولات التوسع الإيراني. لكن يبدو أن إيران، بعدما فشلت في تحقيق أهدافها عبر سوريا والأردن، ولم يعد لها موطئ قدم في اليمن بعد تراجع الحوثيين، أصبحت ترى في مصر المسار الأخير لتحقيق مشروعها الذي يتهاوى.
رسالة إلى الحكومة المصرية:
نثق تمامًا بحنكة الدولة المصرية ووعيها السياسي تجاه ما يُحاك للمنطقة. وندعوها إلى عدم فتح الباب أمام مشروع لم يجلب سوى الخراب، وأن تبقى مصر كما عهدناها، صمام أمان الوطن العربي.
ورسالة إلى القارئ العربي:
عليك أن تقرأ ما بين السطور، وأن تتأمل في التاريخ والواقع جيدًا. الشعارات لا تكفي، والمواقف تُقاس بالأفعال. فليكن وعي الشعوب العربيّة هو الحصن الأخير في وجه كل من يسعى لتفكيكها من الداخل