
في عصرٍ اجتاحته منصات السوشيال ميديا، وابتعد فيه بعض الجيل الجديد عن دفء الكتاب ورائحة الورق، تظل هناك نُخبٌ مثقفة تقاوم هذا الجفاف المعرفي، وتغرس بذور الوعي في تربة المجتمع. ومن بين هذه المنارات التي لا تنطفئ، تواصل جمعية ادبي الطائف دورها الريادي في احتضان الكلمة، ونشر الثقافة، وتعزيز الحضور الأدبي في مشهد يزداد تعقيدًا يوماً بعد يوم.
وفي مساءٍ طائفيّ بهيّ، ازدانت الجمعية بأمسية أدبية راقية دشّنت خلالها كتاب “سيرة من رأى” للدكتور عثمان الصيني، الإعلامي والتربوي والمثقف الذي تنقّل عبر محطات التعليم والإعلام والثقافة، فكان الابن الوفي لمجتمعه، والمعلم المُلهم لأجياله، والصوت الحر في ساحة الإعلام.
تميزت “سيرة من رأى” بجمال عنوانها وعمق سردها، حيث قاد الدكتور الصيني القارئ في رحلة شيّقة عبر محطات زمنية ومواقف إنسانية صاغها بحسّ المجرّب وصدق العارف. كتابٌ لا يُقرأ على عجل، بل يُلتهم شغفًا، ويُغلق بتوقٍ لقراءة ما تبقّى من حياة كاتب ملهم.
لقد عطشنا في زمن الضجيج الرقمي إلى ضوءٍ إعلامي يُسلّط على مثقفين من طراز الدكتور الصيني، ويُعيد وهج الثقافة إلى الواجهة. وهنا تجيء جمعية أدبي الطائف لتلعب هذا الدور العظيم، باحتضانها للإعلاميين والمثقفين وتكريمها لأصحاب الفكر والإبداع.
همسة أخيرة:
ليت هذا الحفاوة التي لمسناها مساء الأمس تُعمّم في سائر الجمعيات والمجتمعات. فكل قارئ جديد هو مشروع مثقف قادم، وكل احتفاء بكاتبٍ حقيقي هو بذرة تُزهر في صمت، وتُثمر وعيًا في زمن الضجيج.