
في زمن تشهد فيه المملكة جهودًا كبيرة لتعزيز التوطين وحماية سوق العمل، يطل علينا مشهد غريب في بعض أحياء الطائف وجازان ومنفوحة، وحتى في شوارع مكة المكرمة والمدينة وجدة. فبحسب ما وصلني من تعليقات على مقاطعي المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هناك شركات ما زالت تضرب بقرارات وزارة الموارد البشرية عرض الحائط، وتوظف مخالفين من جنسيات مختلفة دون نقل كفالة نظامي أو توقيع عقود عمل رسمية.
والأدهى من ذلك، عندما يحضر مفتش مكتب العمل، يتحول الموظف المخالف فجأة إلى “عميل” للشركة! مشهد أشبه بمسرحية متقنة للتحايل على الأنظمة، يثير تساؤلات حول الرقابة وآليات التطبيق.
وخلال جولتي الميدانية على بعض مكاتب الخدمات، كانت الصدمة أكبر؛ فقد وجدت عدداً من العمالة غير السعودية يديرون المعاملات، بل ويصل الأمر إلى دخولهم على أنظمة خاصة بالمواطنين والمقيمين. كيف يُسمح لشخص لا يملك حتى الإلمام الكامل بأنظمة البلد بالتحكم في بيانات حساسة؟
من الناحية الشرعية والنظامية، هذا الأمر غير مقبول. فكل من يخالف الأنظمة لا يأكل من الحلال، بل يزاحم أرزاق أبناء الوطن والمقيمين النظاميين الذين سمحت لهم الدولة بالعمل بعقود رسمية تحفظ الحقوق. التحايل لا يفتح باب الرزق، بل يغلقه ويجلب الفوضى.
المطلوب اليوم رقابة أشد، وتطبيق صارم للعقوبات، مع حملات توعية لكل من يحاول الالتفاف على الأنظمة. الوطن للجميع، ولكن وفق القانون، حتى يبقى سوق العمل السعودي منظمًا وعادلاً، بلا تحايل ولا مخالفات.