لم تعد نظرتنا للأرض كما كانت؛ فاللون الأخضر أصبح حاضرًا في شوارعنا وأحيائنا بفضل البرامج الوطنية التي غيّرت ملامح مدننا. مشاريع مثل الرياض الخضراء، وجهود وزارة البيئة والمياه والزراعة، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وهيئة تطوير الرياض، جعلت التشجير جزءًا من تفاصيل حياتنا اليومية، ورسّخت هوية جديدة للمدن الكبرى، بينما بقيت المدن الزراعية والمزارع بخضرتها الطبيعية.
ماضٍ أخضر في قلب الأفلاج
ما يثير الدهشة أن ما نسعى لتحقيقه اليوم من مساحات خضراء كان واقعًا قديمًا عاشته الجزيرة العربية منذ ملايين السنين. ففي قلب الأفلاج، وتحديدًا في حزم أبو رويس، تقف جذوع متحجرة عمرها يقارب 250 مليون سنة لتكشف لنا أن هذه الأرض الصحراوية كانت يومًا ما غابة خضراء نابضة بالحياة.
قليب اليحيى – غابة القصيم المتحجرة
وإذا اتجهنا شمالًا نحو القصيم، نجد في قليب اليحيى جنوب المذنب واحدة من أكبر الغابات المتحجرة في المملكة، وكأنها تذكّرنا أن هذه الظاهرة ليست محصورة في موقع واحد، بل ممتدة على مساحات واسعة من أرضنا.
الحدود الشمالية – واحات منسية
أما الحدود الشمالية، فقد حملت هي الأخرى دلائل على واحات وأخشاب متحجرة، تفتح لنا باب التساؤل عن غنى الطبيعة في تلك المنطقة قبل آلاف السنين، وكيف كانت أكثر خصوبة مما نتصوره اليوم.
الربع الخالي – أسرار تحت الرمال
وحتى في أكثر المناطق جفافًا، مثل الربع الخالي، ظهرت مفاجآت مذهلة: بقايا أشجار متحجرة عمرها خمسون مليون سنة، وآثار بحيرة قديمة ومياه فوارة لا تزال شاهدة على أن هذه الصحراء الشاسعة احتضنت يومًا حياة مختلفة تمامًا.
إرث علمي وسياحي
إنها حقًا مفارقة تبعث على الفخر؛ فالماضي يلتقي بالحاضر ليؤكد أن أرض المملكة تحمل في باطنها كنوزًا طبيعية فريدة. هذه الحدائق الجيولوجية ليست مجرد صخور صامتة، بل إرث علمي وسياحي يعزز مكانة المملكة ويمنحها فرصة لإدراج هذه المواقع ضمن برامج السياحة والاستكشاف.
وجهة سياحية مستقبلية
تملك المملكة فرصة فريدة لتحويل هذه المواقع إلى وجهات سياحية جيولوجية تستقطب الزوار من داخل المملكة وخارجها. فزيارتها لا تمنح فقط متعة الاكتشاف، بل تفتح نافذة على تاريخ الأرض ودهشة تحولاتها. ومع تطوير الممرات والمراكز التفسيرية والرحلات الميدانية، يمكن أن تصبح هذه الحدائق جزءًا من الهوية السياحية السعودية التي تجمع بين الجمال الطبيعي والعلم والتاريخ.





